الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
.مطلب التحاشي عن الكذب: هذا وقد اختاروا نفي شهود مهلك أهله على نفي قتلهم له، قصدا للمبالغة بالإنكار، أي كأنهم قالوا ما شهدنا ذلك فضلا عن أن نتولى قتلهم ويعلم من ذلك نفي إهلاكهم من قبلهم، لأن من لم يقتل اتباعه كيف يقتله هو، وهو الأصل، وقرىء بضم الميم وفتح اللام من أهلك وبفتحها أيضا، والقراءة التي عليها المصاحف بفتح الميم وكسر اللام، ويجوز على هذه أن يكون مصدرا كمرجع ويكون المعنى ما شهدنا إهلاكهم، وان اسم مكان أي مكان إهلاكهم أو اسم زمان أي زمانه {وَإِنَّا لَصادِقُونَ} 49 في قولنا هذا، وهو كقول أولاد يعقوب لأبيهم {وَما أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنا وَلَوْ كُنَّا صادِقِينَ} الآية 87 من سورته في ج 2 وأرادوا بهذه الحيلة التمويه لأن حضور الأمر غير مباشرته عرفا، فلا يقال لمن قتل رجلا إنه حضر قتله، وان كان الحضور لازما للمباشرة، فهؤلاء القوم الذين كانوا لا يعابون بما هم عليه من الكفر وسوء السيرة قد درأوا عن أنفسهم الكذب الذي هو عار في كل زمان ومكان ودين، وصموا ان يحلفوا على المعنى العرفي بحسب العادة في الإيمان، ليوهموا الخصم أنهم أرادوا معناه اللغوي، فيكونوا صادقين بزعمهم، لئلا يصموهم بالكذب، والآن والعياذ باللّه تجد الكذب فاشيا عند الكبير والصغير مع أنه محرم دينا ومكروه مروءة ومذموم طبعا وقد ذم اللّه تعالى الكاذب في آيات متعددة من القرآن وقال صلّى اللّه عليه وسلم المسلم لا يكذب وقال الكذب مجانب للايمان راجع الآية 105 من سورة النحل في ج 2 اللهم أصلح عبادك ووفقهم للسداد {وَمَكَرُوا مَكْرًا} قالوا على قتله ودبروا الكيد والغدر وذهبوا اليه شاهرين سلاحهم لينفذوا ما صموا عليه فرد اللّه كيدهم في نحرهم وأخزاهم {وَمَكَرْنا مَكْرًا} عظيما لا تتصوره عقولهم بان عجلنا لهم العقوبة فأهلكناهم جميعا بالحجارة وحرسنا نبينا صالحا بالملائكة فصاروا يرون الحجارة تأتيهم من حيث لا يرون راميها {وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ} 50 بشيء من تدبيرنا هذا، قالوا ان صالحا كان يصلي في مسجد الحجر، وكان توعدهم بأن يفرغ اللّه من عذابهم حتى ثلاثة ايام، فقال هؤلاء التسعة نذهب اليه ونقتله في مسجده قبلها ثم نذهب إلى أهله فنقتلهم أيضا قبل اليوم الثالث، فخرجوا إلى الشعب الذي فيه مسجده، فبعث اللّه عليهم صخرة من الهضب حيالهم بعد رجمهم، فطبقت عليهم فم الشعب، فلم يدر قومهم أين هم، ولم يدروا ما فعل اللّه بهم وهم لم يعلموا ما فعل اللّه بقومهم وعذب اللّه كلا منهم في مكانه، وحمى صالحا ومن معه.{فَانْظُرْ} يا سيد الرسل وأخبر قومك {كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ مَكْرِهِمْ} على نبينا {أَنَّا دَمَّرْناهُمْ} التسعة المذكورين {وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ} 51 لم يفلت منهم إلا من آمن بصالح {فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ} يرونها قومك حين ذهابهم إلى الشام وإيابهم منها بشاهدونها {خاوِيَةً} ساقطة متهدمة بعضها على بعض، خالية من السكان، لأنها لم تسكن بعدهم تشاؤما مما وقع على أهلها المهلكين {بِما ظَلَمُوا} أنفسهم وغيرهم لا لأمر آخر {إِنَّ فِي ذلِكَ} الإهلاك على الصورة المذكورة {لَآيَةً} عظيمة وعظة ناطقة {لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} 52 قدرة اللّه فيخشونها ويعتبرون بمن قبلهم فيؤمنون {وَأَنْجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا} مع صالح بمقتضى وعدنا له {وَكانُوا يَتَّقُونَ} 53 اللّه ولذلك حماهم مما أصاب قومهم، وفي هذه القصة إشارة إلى أن قريشا سيمكرون بمحمد ويتحالفون عليه، وأن اللّه تعالى ينجيه منهم ويهلكهم، وكان في ذلك كما سيأتي في الآية 26 من سورة العنكبوت في ج 2، قال تعالى: {وَلُوطًا إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ} إتيان الذكر سماها فاحشة لزيادة قبحها في قانونه الإلهي، وسماها القانون المدني بالفعل الشنيع، وهو اسم وفق المسمى بالقبيح والرذيلة والوقاحة {وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ} 54 بعضكم يفعل ببعض وهذا في غاية الشناعة، أي كيف تفعلون هذا ولا تستترون ولا ينهى بعضكم بعضا ولا تكفون عنه {أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ} أيها السفهاء والخاطئون {شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّساءِ} مع أن اللّه تعالى خلق الأنثى للذكر ولم يخلق الذكر للذكر ولا الأنثى للأنثى، فعملكم هذا مضاد لحكمة اللّه {بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ} 55 عاقبة أمركم ووخامة مصيركم {فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ} تجاه نصحه هذا ووعظه وإرشاده {إِلَّا أَنْ قالُوا} أولئك الجهلة السفهة {أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ} 56 عن عملنا ويتنزهون من فعلنا ويستقذرون إتيان الرجال، وهذا مما يغيظنا وقد حق عليهم العذاب بقولهم هذا {فَأَنْجَيْناهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ} لرضاها بفعلهم وعدم إنكارها عليهم لذلك {قَدَّرْناها مِنَ الْغابِرِينَ} 57 الباقين معهم بالعذاب {وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ مَطَرًا} يا له من مطر سوء حجارة مترادفة {فَساءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ} 58 تقدمت القصة مفصلة في الآية 88 من الأعراف المارة، فيا أكرم الرسل {قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ} واسأله العافية لك ولأمتك مما حلّ بهم.{وَسَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى} من اخوانك المرسلين واتباعهم وقل أنت ومن آمن معك {آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ} 59 به ممن لم يؤمن من قومك، فقولوا لا بل اللّه خير وأعلى وأعز، وهذا استفهام انكار لا يجاب الا بالنفي، وهو تبكيت للمشركين والزام الحجة عليهم، لأن اللّه تعالى لا شكّ خير لمن عبده وأنس به والأصنام شر لمن ركن إليها وعبدها لأنها لا تغني شيئا وتكون عليهم حجة يوم القيمة ثم ذكر اللّه جل ذكره من دلائل قدرته وبراهين وحدانيته وأمارات عظمته أنواعا فقال: {أَمَّنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَنْبَتْنا بِهِ حَدائِقَ} بساتين محاطة {ذاتَ بَهْجَةٍ} حسنة المرأى بديعة المنظر {ما كانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَها} أي لا يمكنكم إنباته، وان مباشرتكم زرعه لا يقتضي الإنبات، فلو شاء اللّه لم ينبته، فالمنبت الحقيقي هو اللّه الذي يسقيها بماء واحد فتثمر صنافا متنوعة مختلفة باللون والطعم والرائحة والشكل، وهو الذي قدركم على زرعه راجع الآية 63 من سورة الواقعة المارة فانظروا أيها الناس {أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ} فعل ذلك أو أعانه عليه كلا ثم كلا {بَلْ هُمْ} قومك المعاندون {قَوْمٌ يَعْدِلُونَ} 60 عن الحق إلى الباطل ويسارون الأصنام بالملك العلام، ويقولون نزرع ونحصد ونسقي، لو شاء اللّه لما أقدرهم على شيء من ذلك أصلا، قال تعالى: {أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرارًا} لكم أيها الناس تستقرون عليها ليل نهار ولا نحسون بأنها عائمة {وَجَعَلَ خِلالَها أَنْهارًا} جارية عذبة وملحة ومرّة وباهتة وحريفة وحامضة، وأودع بعضها معادن وحيوانات متنوعة وحليّا مختلفا باللون والقيمة {وَجَعَلَ لَها رَواسِيَ} جبالا عظيمة تثقلها كي لا تضرب فتنعدم راحتكم عليها {وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حاجِزًا} حصينا لئلا يختلط الملح بالعذب، فتنعدم المنفعة المقصودة منهما، فتفكروا {أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ} فعل شيئا من ذلك كلا {بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ} 61 حقائق قدرتنا وعظمة سلطاننا وحقيقة حكمتنا، فقل لقومك هل الذي يعبدونه خير أم هذا الإله الفعال لكل شيء من نفع وخسر وخير وشر ومنع وإعطاء وعز وذل وغنى وفقر واحياء وإماتة، فالإله القادر على هذه الأشياء وغيرها هو المستحق للعبادة لا أصنامكم {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ} فيجيب دعاءه ويفرج ضيقه {وَيَكْشِفُ السُّوءَ} عن المضرور والمجهود والمكروب والملهوف فيغير حاله من المرض إلى الصحة، ومن الضعف إلى القوة، ومن الفقر إلى الغنى، ومن العسر إلى اليسر، ومن الذل إلى العزة {وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ} تسكنونها وتنصرفون بها، فمنكم الملك والأمير والمتسلط والتابع، وقد أورثكم إياها عمن كان قبلكم من الأقوام الهالكين بسبب كفرهم نعم اللّه {أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ} يفعل لكم شيئا من ذلك، كلا ولكنكم {قَلِيلًا ما تَذَكَّرُونَ} 62 بآلاء اللّه الذي يسديها لكم وهي جديرة بالذكرى، فقل با أكرم الرسل لقومك أآلهتكم خير أم هذا الإله القادر على كل شيء {أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} إلى الحال التي تقصدونها؟ ألإله الذي جعل النجوم والمجرة في السماء والجبال والأنهار في الأرض علامة تسترشدون بها ليل نهار إلى مقاصدكم في أسفاركم، أم أوثانكم العاطلة الجامدة {وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ} أي أمام المطر مبشرا بقرب نزوله {أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ} يقدر على شيء من ذلك فيفعله لكم كلا {تَعالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} 63 به علوا كبيرا {أَمَّنْ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ} من النطفة إلى أن يكمله خلفا سويا وبعد استكمال أجله في الدنيا يميته {ثُمَّ يُعِيدُهُ} بعد الموت حيا كما كان {وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ} من مطر ونبات وحيوان {أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ} يعمل شيئا من ذلك؟ كلا، لا يقدر أحد على شيء منه، وإذا لزمتهم الحجة ووقعوا في المحجة {قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ} على أن ما تعبدونه يفعل شيئا واحدا مما ذكر {إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ} 64 أن آلهتكم تقدر على شيء من ذلك، أو أن مع اللّه إلها آخر كما يزعم البعض، وبعد أن عدد هذه الحجج الخمس الدالة على وحدانيته في الإلهية وانفراده في فعل هذه الأشياء وغيرها، وعجز من سواه عنها وعما يتعلق بالنفع والضرر وغيره، وإلزامهم السكوت بتلك البراهين القاطعة، قال المشركون أخبرنا يا محمد عن الساعة التي تهددنا بها إن لم نؤمن بك، فأنزل اللّه {قُلْ} يا حبيبي لهؤلاء الجهلة الذين لا يميزون بين الممكن والمحال: هذه من الغيب و{لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} وحده، فكيف نعطيهم علمها وهو من خصائص الإلهية {وَما يَشْعُرُونَ} هم ولا جميع الجن والإنس والملائكة {أَيَّانَ يُبْعَثُونَ} 65 من قبورهم ومواقعهم مع أنه لابد لهم منه، وهو من أهم الأمور عندهم لأن اللّه تعالى وحده تفرّد بذلك {بَلِ ادَّارَكَ} اضمحل وفني وانمحق {عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ} وشأنها، فليس لهم علم بها ولا بوقت إمارتها.وأصل ادّارك تدارك، فأبدلت التاء دالا، وأسكنت للإدغام، واجتلبت الهمزة الوصلية للابتداء، ومعناها تلاحق وتتابع، وعليه يكون المعنى انتهى علمهم في لحوق الآخرة فجهلوها، وتابع علمهم فيها ما جهلوه في الدنيا.وقيل معنى ادّارك تكامل من أدركت الفاكهة إذا تكامل نضجها، وعليه يكون المعنى إن أسباب استحكام العلم بأن القيامة كائنة قد حصل لهم في الدنيا، ومكنوا من معرفته، إلا أنه لا علم عندهم من أمرها، فقد تتابع علمهم حتى انقطع، وهذا بيان لجهلهم بوقت البعث، وأرى أن الأول أولى لموافقته للسياق، ولقوله تعالى: {بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْها} بعد أن بلغ علمهم بها وتكاملت أسبابه بحصولها ووجودها {بَلْ هُمْ مِنْها عَمُونَ} 66 جمع عم وهو أعمى القلب، ويقال له أعمه كما يقال لأعمى البصر أعمى، وقد كرر الإضراب ببل ثلاثا لشدة جهلهم، إذ وصفهم أولا بعدم الشعور بوقت البعث، ثم بعدم العلم يكون القيامة، ثم بالخبط بالشك وعدم إزالته مع قدرتهم عليها بالإيمان والإيقان حتى صاروا لأسوأ حال، وهو وقوعهم بالحيرة بسبب عمه قلوبهم الناشئ عن كفرهم الذي منعهم من التفكر بالعاقبة، وهو من جهلهم المركب الذي لا يزول إلا بعناية من اللّه، وأنى لهم منها وقد انكبوا على الدنيا بكليتهم؟ وقيل في المعنى:وقيل أيضا: هذا، وإن قوله تعالى: {وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَإِذا كُنَّا تُرابًا وَآباؤُنا أَإِنَّا لَمُخْرَجُونَ} 67 أحياء من القبور كما كنا، هو كالبيان لجهلهم بالآخرة وعماهم عنها لأنهم يريدون بهذا عدم التصديق بها والإصرار على جحودها ويؤيده قولهم أيضا {لَقَدْ وُعِدْنا هذا} الإخراج من القبور بعد الموت {نَحْنُ} من قبل محمد ابن عبد اللّه الذي هو في عصرنا {وَآباؤُنا} أيضا وعدوا من قبله {مِنْ قَبْلُ} وجودنا من قبل أنبيائهم، وإنا نقول كما قال أسلافنا {إِنْ هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ} 68 وخرافاتهم يتناقلها الواحد بعد الآخر لا حقيقة لها.ونظير هذه الآية الآية 84 من سورة المؤمنين في ج 2، {قُلْ} لهم يا سيد الرسل {سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ} 69 من أمثالكم وانظروا أطلال ديارهم واسمعوا بقايا أخبارهم تنبئكم عن فظاعة ما حل بهم بسبب تكذيبهم رسلهم.ثم التفت إلى حبيبه فقال: {وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ} إذا حلّ بهم عذابي الذي لا دافع له {وَلا تَكُنْ فِي ضَيْقٍ} وحرج في صدرك مما تسمعه من التكذيب وتراه من الإعراض {مِمَّا يَمْكُرُونَ} 70 ولا تهتم لما يكيدونه لك، فإني حافظك منهم ومن يعصمه اللّه لا يصل إليه مكر الخلق.وقرأ ابن كثير بكسر ضاد ضيق خلافا لسائر القراء، نزلت هذه الآية في المستهزئين الذين اقتسموا عقاب مكة، وأوقفوا على أبواب طرقها رجالا يقولون للداخلين والخارجين أن عندنا رجلا منا يدعى محمدا جاء بدين مخالف لدين آبائنا، وهو رجل ساحر فلا تصدقوه.راجع الآية 94 من سورة الحجر في ج 2 والآية 85 من الأعراف المارة.{وَيَقُولُونَ} هؤلاء الماكرون {مَتى هذَا الْوَعْدُ} الذي توعدنا به من إنزال العذاب {إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ} 71 أنت وأصحابك وتهددنا به ليل نهار {قُلْ عَسى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ} دنا وقرب، لأن من أردفته خلفك فقد قربته منك أو حضر {لَكُمْ بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ} 72 به، لأن تغاليكم بالكفر وتكالبكم على عبادة الأوثان يستدعيان نزول العذاب بكم {وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ} ومنهم أهل مكة إذ لم يعجل عقوبتهم كرامة لرسولهم، ولأن العذاب إذا حل عمّ وان في علمه من يؤمن منهم كثير، لذلك أمهلهم بفضله وكرمه {وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ} من أهل مكة شأن غيرهم لأن الأكثر دائما هو الضال والقليل المهتدي.
|